ضيف حلقة برنامج "صحاب القرار" هذه المرة الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين الذي يقوم بزيارة إلى العاصمة الروسية:
س- لنبدأ إذاً من زيارتكم ومباحثاتكم في موسكو. ما هو جدول اعمال هذه المباحثات وهذه الزيارة التي تعكس دورية العلاقة المنتظرة بينكم وبين روسيا الاتحادية؟
- والله هذه الزيارة حقيقة مهمة. آخر مرة زرت العاصمة الروسية كانت برفقة جلالة الملك حفظه الله سنة 2009، ولكن كوزير للخارجية زرتها في عام 2008، وهذه دعوة كريمة من أخي معالي الوزير سيرغي لافروف في هذه الظروف لبحث العلاقات الثنائية متعددة المجالات، وبحث الأمور والقضايا الساخنة والهامة في المنطقة التي تهم روسيا وتهم جميع دول المنطقة ومنها مملكة البحرين. نتطلع إلى البناء على آخر زيارة قام بها السيد نائب رئيس الوزراء الروسي زوبكوف حيث كانت في فترة معرض الطيران الدولي في البحرين، وكانت مشاركة روسيا كبيرة جداً أثارت الاهتمام في الأوساط السياسية وأيضاً في أوساط الطيران في منطقة مجلس التعاون والمنطقة الأوسع. وأتطلع إلى بحث الكثير من الأمور الثنائية في إطار العلاقات القائمة والاتفاقات بين البلدين الصديقين. أيضاً أتطلع ـ في مقام رئيسي ـ إلى التشاور مع أصدقائنا في روسيا حول مختلف المواضيع وأهمها موضوع سورية، وموضوع العراق، وموضوع إيران، وموضوع الأمن، أمن المنطقة ككل.
س- إذن أربعة ملفات أساسية سيجري البحث فيها خلال الزيارة إلى موسكو. لنأخذ الملف الأخير، ملف الأمن الاقليمي. بالأمس استضافت المنامة مؤتمراً مهماً جداً حول مهددات أمن بلدان الخليج العربي. بودي أن أسمع من شخصكم الكريم رأيكم بما طرح من آراء وخاصة ما تحدث به رئيس شرطة دبي؟
- طرحت في مؤتمر الأمن الاقليمي آراء متعددة عن ماهية الأخطار التي تهددنا، إن كانت أخطار خارجية مباشرة أو بعض الأخطار الداخلية التي قد تكون لها امتدادات خارجية بشكل أو بآخر، أو إن كانت داخلية بحتة، أو كانت تتعلق بالتعاون والعمل المشترك، إن كان هناك قوة كافية لدرء أي خطر أم لم يكن، طرحت ونوقشت هذه الأفكار. تم التوصل إلى نتائج مهمة وجديرة بالاهتمام من أهل القرار ومن شعوب المنطقة. الأخطار هناك أخطار مباشرة، تأتينا تهديدات مباشرة، دول لا تريد استقرار المنطقة، ونحن كدول لمجلس التعاون الآن يأتينا تهديد مباشر من مناطق عديدة في المنطقة، هناك تهديد مباشر يأتينا حول نوعية علاقتنا اليوم مع إيران، ليست العلاقة المطلوبة. علاقة غير ثابتة، علاقة متقلبة، علاقة فيها تدخلات، وفيها عدم رضا كبير وخصوصاً من قبل دول مجلس التعاون تجاه إيران. هناك خطر يأتي أيضاً من العلاقة مع العراق، والوضع غير المستقر الآن حالياً في العراق خصوصاً بعد انسحاب القوات الأمريكية الأخير من أي دور في السياسة العراقية. العراق نحن علاقتنا ـ مملكة البحرين ـ علاقة تاريخية، لكن ما سمعناه في الآونة الأخيرة من بعض المسؤولين ومن بعض قادة المجموعات لا يسر ولا يأتي في سياق هذه العلاقة التاريخية، بل يشذ عنها، ولذلك استدعينا القائم بأعمال السفارة العراقية وأبلغناه رسالة واضحة، أوقفوا هذه التدخلات إنها تسيء للعراق كما تسيء للبحرين، ونرجوا أن يكون هناك تفهم واضح في هذا الشأن. هذه الأخطار المباشرة التي نراها بأعيننا تواجه دول مجلس التعاون. هناك أخطار غير مباشرة وهي علاقة دول مجلس التعاون بما يجري حولها من ظروف وبمختلف دول العالم ـ نعم لدينا علاقات قوية مع حلفاء ـ علاقتنا قوية مع حلفائنا في الولايات المتحدة، علاقتنا قوية مع حلفائنا في الاتحاد الأوروبي، علاقتنا قوية مع حلفائنا وأصدقائنا في روسيا، لكن هل نحن متفقون على مجمل القضايا أو التهديدات التي تهددنا في المنطقة، هل لدينا تفاهم مشترك كامل ذو نظرة استراتيجية واضحة، قد لا يكون في كل هذه القضايا. بيننا وبين هؤلاء الحلفاء هناك علاقة تعاون لتثبيت الأمن في منطقة مجلس التعاون وفي منطقة الخليج، أن يكون هناك منطقة آمنة وتكون فيها الملاحة حرة وسالكة، وتكون جزءاً فاعلاً، جزء من هذا العالم تقوم بمهامها وبمسؤولياتها، لكن هناك أخطار تهدد هذه المنطقة، وما نريد أن نؤكد عليه أن تكون صورتنا واستراتيجياتنا مع حلفائنا واضحة تجاه مختلف هذه الأخطار، وهذا ليس بالشيء الخطر أو الشيء الخطأ، هذا أمر يجري دائماً بين الحلفاء ولكن دائماً الحلفاء يسعون للوصول إلى فهم مشترك.
س- سنتحدث عن ذلك أيضاً، لكن ذكرتم أن بينكم وبين العراق خلقت مشكلات بسبب تدخلات من أطراف مشتركة في العملية السياسية أوحتى من بعض المسؤولين. هل سيؤثر ذلك على قرار البحرين والشقيقات في دول مجلس تعاون الخليج العربي في المشاركة في قمة بغداد المزمعة؟
- طبعاً سيؤثر. بدون شك سيؤثر، وأقول لك كيف يمكنك أن تحضر قمة في بلد يأتيك منه الشر يوماً بعد يوم، أنا لا أتهم الشعب العراقي بذلك فالشعب العراقي علاقتنا معه تاريخية بكل مكوناته، لكن أن تستخدم البحرين، أن تستخدم أحداث تجري في البحرين، وإن وصلت لدرجة لتصبح معزولة، هناك عصابات تستخدم الأطفال في الشوارع وتهدد رجال الأمن وتهدد حياتهم، وليس لها أي علاقة بالمطالب الشعبية، أن تستخدم هذه الأشياء سياسياً هناك حتى في البرلمان في العراق كقضية، هذا شيء لا يسرنا. هذا يثير مشاعر غير صحيحة وليس لها أساس لدى أخواننا العراقيين، وهذه مسؤولية نحملها للعراق، فمسألة المشاركة في هذه القمة ـ نحن نعلم أن هناك تاريخاً حدد لهذه القمة 29 مارس ـ نحن لهذه اللحظة لم نتخذ موقفاً لأنه لم تأتنا دعوة رسمية لحضور هذه القمة للإجابة على هذه الدعوة الرسمية. لكن أن أقول لك أن الظروف وهذه الإيحاءات والمواقف التي نراها من العراق تشجع على حضور هذه القمة، لا.
س- ماذا تقصدون بالصور والأطفال الذين نشرت صورهم وسائل الإعلام يقفون في الشارع، لو توضحوا للمشاهدين؟
- موضوع الأطفال هذا أحد المواضيع، إن أردت التكلم فسأخبرك عن رجل الأمن البحريني في الشارع، يمشي في الشارع وفي لحظة تنهمر عليه مئات من زجاجات المالوتوف، هذه محاولة قتل. النار تقتل وخصوصاً عندما تكون مخلوطة مع مواد متفجرة أو مواد حارقة، ولذلك فاستخدام الأطفال، ومنهم دون العشر سنوات في بعض الأحيان، أو حوالي عشر سنوات، في القيام بهذه الأعمال وتعريضهم للخطر يخالف اتفاقيات وقوانين دولية. من المسؤول عنهم، من الذي دفعهم للقيام بهذا الشيء، يجب أن يتحمل مسؤوليتهم من يقومون بهذا العمل فهؤلاء الأطفال ليسوا بدرجة من الحكمة ليتخذوا مثل هذا القرار، فهم سيقوا سوقاً لهذا الأمر.
س- بالعودة إلى ملف القمة المزمع عقدها في بغداد، هذا الموقف الذي تتحدثون عنه الآن هل يعكس موقفاً جماعياً في بلدان منظومة بلدان الخليج العربية؟
- كما قلت لك، حتى الآن نحن نسمع أن هناك تاريخاً حدد للقمة في بغداد، إلا أنه وحتى الآن لم تأتنا دعوة رسمية ولم يأتنا التأكيد من الجامعة العربية. الأخ مساعد الأمين العام، الأخ أحمد بن حلي، كان هناك في زيارة، ولغاية الآن نريد أن نستمع ونقرأ تقرير السيد أحمد بن حلي، لدينا اجتماع في الجامعة بعد بضعة أيام لمناقشة مواضيع أخرى وسنتكلم في هذا الموضوع. ولكن حتى ذاك الأوان فنحن لسنا في موضع نبدي فيه موقفاً لشيء لا زال في طور الإعداد، ولكن المؤشرات والظروف وما يأتينا من العراق غير مشجع وغير مساعد، ولكن حتى تأتينا هذه الدعوة وحتى نرى أي انفراج من جانب الأخوة في العراق، فالموقف واضح حتى الآن.
س- الملف السوري سيكون على طاولة المباحثات بينكم وبين السيد سيرغي لافروف في موسكو. ماذا تريدون أن تقولوا للجانب الروسي الذي تشير كل التقارير إلى أنه يعاني الآن من عزلة بسبب موقف موسكو الرافض لأي قرار بحق القيادة السورية؟
- الوضع السوري وضع معقد ووضع خطر لا يرضى به لا المواطن السوري ولا أي مواطن عربي ولا أي صديق يحب الاستقرار لهذه المنطقة، سأقول لأخي السيد سيرغي لافروف أن المبادرة العربية واضحة وقبلتها سورية. ولكن المسألة هي هل طبقت بالطريقة الصحيحة في سورية أم لم تطبق، نحن أرسلنا مراقبين وتعرضوا لأخطار وكانت مهمتهم غير كاملة، ومن ثم توصلوا إلى تقارير وصلتنا من مراقبينا أن الوضع سيء جداً، بينما الأمر الذي شهدناه من رئيس بعثة المراقبين وسمعناه في الجامعة العربية كان مخالفاً للكثير من التقارير التي سمعناها من مراقبينا. سأقول لأخي معالي الوزير السيد لافروف بأننا نتفق مع سورية بأن التدخل العسكري في سورية غير مطلوب وضار ولن نسعى إليه ولن نسانده، وليس هناك دولة في المنطقة ستساند هذا الشيء، سأقول له أن مسألة تغيير النظام أو إقصاء النظام بأي شكل من الأشكال غير واردة في المبادرة العربية. فنحن نتفق على هذه الامور التي نعرف أنها خطوط حمراء بالنسبة للموقف الروسي في مجلس الأمن.
س- في المؤتمر المهم الذي عقد حول مهددات الأمن الإقليمي طرحت آراء تدعوا إلى المزيد من التعاون مع روسيا باعتبارها طرفاً مهماً في المعادلة الدولية، ونحن نعرف موقف البحرين من الشراكة مع روسيا. هل تعتقدون أن أشقاءكم في مجلس التعاون سيستمعون لهذه التوصيات ويقومون بخطوات لملاقاة روسيا أكبر مما نشهده الآن؟
- أنا لا أرى إلا ذلك، وليس فقط من مملكة البحرين التي تتفق مع روسيا في الكثير من الأمور المتعلقة باستقرار المنطقة، كما هي تتفق مع الولايات المتحدة أو مع الاتحاد الأوروبي أو مع الصين، أو مع اليابان والكثير من الدول الأخرى، ومع الهند. لكن أيضاً أرى تجاوبا وأرى إيجابية في اي طرح لأن يكون هناك تعاون ويكون هناك تكامل ويكون هناك عمل مشترك ومصالح مشترك مع روسيا. روسيا دائماً كانت لاعباً عالمياً أساسياً، رئيسياً، قوة كبرى، فدور روسيا في المنطقة مطلوب. روسيا طرحت مبادرة لأمن الخليج، نحن وافقنا عليها وأعلناها في بيان زيارة جلالة الملك للرئيس مدفيديف في موسكو. هذه مبادرة تأتي من كل أهل المنطقة ومختلف القوى الرئيسية في العالم لتجمعها في تصور واحد على أمن الخليج.
س- ثمة من يقول أن تعثر الوضع السوري أحد أسبابه هو عدم جدية الغرب في اتخاذ قرارات حاسمة. صحيح أن روسيا تمانع، ولكن الغرب غير متحمس جداً والولايات المتحدة، بالمقاييس، على غرار ما جرى في ليبيا. هل تشاطرون هذا الرأي؟
- المسألة ليست فقط ليبيا التي تجعل أي دولة في العالم تفكرة مرة واثنتين وثلاث قبل اتخاذ أي خطوة، الوضع في المنطقة كلها ساخن وغير مستقر، هناك منطقة مجلس التعاون والحمد لله هي منطقة مستقرة وتعين على حصول الاستقرار والأمن في المنطقة. ولكن هناك مناطق أخرى، هناك سياسات أخرى من دول لا تعين على الاستقرار. فتتفاوت الدول في المنطقة من حيث أهميتها الاستراتيجية، تتفاوت من ناحية أهميتها الجيوسياسية إن كانت قريبة في حدودها لدولة ما أو أن لها ثقلاً ومجاورة لدولة أخرى، أو أنها مسألة دولة التغيير فيها بأي شكل من الأشكال. مسألة سورية مسألة مهمة جداً، وأي شخص يفكر في أن يدخل في الشأن السوري، عليه أن يفكر عشر مرات في العواقب التي قد تؤدي إليها أي نتائج.
س- تتذكرون في لقائنا السابق في شهر أكتوبر أننا تحدثنا عن مبادرة العاهل البحريني، لتشكيل لجنة عربية لحقوق الإنسان أو لجنة لتقصي الحقائق. أين وصل هذا الاقتراح، هل دخل في إطار التنفيذ العملي؟
- هناك أمران. كان هناك لجنة تقصي الحقائق برئاسة الدكتور شريف بسيوني وعدد من خبراء القانون في العالم، كانت تختص بالنظر بالأحداث التي مرت بها مملكة البحرين في العام الماضي. قدمت تقريرها لجلالة الملك، واستمعنا له جميعاً واستمع إليه العالم أجمع بشكل حي على الهواء. والآن هناك لجنة وطنية لتطبيق هذه التوصيات 22 التي وصل لها التقرير الذي قدمته اللجنة ، وهناك فريق حكومي مكلف عالي المستوى لتطبيق هذه التوصيات أيضاً من ناحية مسؤولية الحكومة، بحكم أنها مسؤولة عن تطبيق التوصيات وسن القوانين والتشريعات وتقديمها إلى البرلمان، هذا الأمر الأول. أنت تكلمت عن موضوع حقوق الإنسان، خطاب جلالة الملك ـ حفظه الله ـ في يوم تسلم التقرير، قرر إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان وهذا موضوع مهم جداً نفتقر إليه. أوروبا لديهم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأمريكيتان عندهم المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان ومقرها في كوستوريكا. نحن في المنطقة العربية ليس لدينا ذلك، لدينا ميثاق عربي لحقوق الإنسان تتابعه لجنة، لكن لا يرقى إلى أن يكون نوعاً من السلطة الأعلى التي يتم الرجوع إليها من ناحية أي تقصير أو مخالفة أو شكوى من أي فرد في هذه المنطقة من العالم، إن كان هناك تجاوز في مجال حقوق الإنسان تجاهه أو تجاه مجتمعه أو ما يراه. هذا الشيء طرح إبان زيارة أمين عام الجامعة العربية إلى البحرين وسيكون على جدول الأعمال في اجتماع الجامعة العربية المعتاد في شهر مارس إن شاء الله. نتطلع إلى أن نمشي في هذا المجال ، لأن العالم العربي جزء من هذا العالم ولسنا مختلفون ولا نريد أن نتخلف عن الركب العالمي، وهذا ليس فيه نية لإدانة أحد أو للضغط على أحد، مسألة المحافظة على حقوق الإنسان وأخذ مجتمعاتنا إلى الأمام هي مسألة حقيقية وحيوية بالنسبة لنا مستقبلاً.
س- القمة الأخيرة لبلدان مجلس التعاون الخليجي العربية طرحت فكرة الاتحاد. هل قامت دولكم بإجراءات ملموسة الآن للوصول إلى هذه الصيغة؟
- كان هناك إجراءات حددت في القمة، بعد خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودعوته للانتقال من حالة التعاون إلى طور الاتحاد، تم الاتفاق في نفس القمة على تشكيل فريق من جميع الدول الست، ثلاثة من كل بلد لوضع التصور الحقيقي وفي هذه الفترة الحالية لكيفية هذا الانتقال. والدول حددت أسماء ممثليها في هذا الفريق، وكان هناك ـ كما أظن ـ موعد أقصاه أول فبراير، وسلمناه، قدمنا نحن مملكة البحرين الأسماء، وبالتأكيد بقية الدول قدمت الأسماء وسيكون لديهم اجتماعات، وسيرجعون لما توصلوا إليه وإن كان مبدأياً في قمة تشاورية التي تعقد في شهر 5 في الرياض، القمة نصف السنوية. نعم الاجراءات تسير، و لكن الاجراءات ليست فقط أن تكون هناك قرارات بل يجب أن يستشار أهل الرأي والعارفون بهذا الشأن ونحن نتطلع إلى آرائهم والعمل على ذلك.
س- لو عدنا إلى ملف القمة العربية القادمة، هل تعتقدون بأن دولاً أخرى غير دول إقليم الخليج ستتأثر بتحفظاتكم على عقدها في المكان والزمان المحددين. هل لديكم معلومات أي من هذه الدول ستأتي وتقول لدينا نفس التحفظات الموجودة لدى بلدان الخليج العربي؟
- تكلمنا وفهموا الموضوع، لكن هذه المسألة وهذا الطرح وهذا الشعور ليس خليجياً فقط، وليس محدوداً فقط بدول مجلس التعاون، أيضاً سمعناه من أخوة وأشقاء عرب من خارج مجموعة مجلس التعاون، أن لديهم تحفظ. وأيضاً سمعناه من أخوة من داخل العراق، بأن العراق يجب أن يتحمل مسؤولياته كاملة تجاه أشقائه، وتجاه دوره بكل مسؤولية كشيء مطلوب قبل أن تكون قمة كهذه في بلد رئيسي عزيز علينا مثل العراق، فهذا الرأي ليس محدودا فقط في دول مجلس التعاون، وتتجاوب معه وتتفق عليه وتقبله دول أخرى، في نفس الوقت الذي سمعت فيه آراء في أطراف في مجلس التعاون أيضاً سمعناها من أطراف عربية، هذا الشأن عربي هذا الشأن لا يخص فقط مجلس التعاون، هناك دول عربية أكبر وهناك دول عربية هامة جداً أيضاً ولها رأي ولها ثقل وسمعنا منهم آراء. لكن أريد أن أربط الموضوع بالوقت الذي تأتي فيه الدعوة لهذه القمة ولكل حادث حديث.
س- لو أخذنا بنظر الاعتبار ما نشهده الآن من قرع لطبول الحرب خاصة في الصحافة الأمريكية والأوروبية. هل تشعرون بالتهديد الحقيقي من احتمال أن تنشأ حرب فعلاً في المنطقة وستكون ربما بلدان الخليج العربية ضحية لهذا النزاع؟
- أنت منذ مدة طويلة في معمعة السياسة، متى توقفت طبول الحرب؟ طوال عمرنا ونحن نسمع طبول الحرب، فمرة تسمعها من الشرق ومرة من الغرب ومرة من الشمال، فإما أن نكون نعالج وضعاً حربياً أو نسمع طبول الحرب في أحسن الأحوال، فتعودنا على سماع هذه الطبول ونعيش معها، لكن الوضع ومافيه الآن يجب أن لا نأخذه بعدم جدية لأن هناك ملفا نوويا يصل إلى مراحل متقدمة مع وكالة الطاقة الذرية فيما يتعلق بإيران، هناك وضع غير مستقر من ناحية التدخلات والاستقرار في المنطقة، هناك وضع جيوبوليتيكي يربط إيران بالوضع في العراق وأيضاً بأفغانستان بشكل أو بآخر، هناك عملية سلام متعثرة، هناك دولة مثل إسرائيل تهدد اليوم وغداً وأمس وكل يوم ونسمع منها تهديدات بضرب إيران أو ضرب البرنامج النووي. وجود البرنامج النووي بجانبنا يخيفنا أيضاً لأن أي خطأ قد يؤدي إلى كارثة في المنطقة. فمسألة أن نقوم بدور دائم ومتواصل في التهدئة وفي الوصول إلى تفاهمات، هذا ما يجب أن نكون عليه ليلاً نهاراً، 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع يجب أن نكون نعمل على ذلك، ولا نأخذ الأمور بعدم جدية. لكن الطبول لن تقف ولا أظنها ستتوقف في القريب العاجل.
س- أخيراً لو تسمحون، هل لديكم نية أيضاً بمواجهة البرنامج النووي الإيراني ببرنامج نووي سلمي خليجي؟
- هناك برنامج، ليس للمواجهة، ليس لدينا أي نية. البرنامج النووي الإيراني مسألة دولية، ولكن نحن أهل الاقليم حين يتم التباحث حول هذا البرنامج، نحن نعلم أن هذا التباحث يخرج عن حدود هذا البرنامج إلى أمور سياسية وأمور كثيرة، ويتكلم عن الاقليم وإذا أردت التكلم عن الاقليم فعليك أن تسمع رأي الاقليم، هناك دول كبيرة وثقيلة وكبرى في المنطقة يجب أن يكون لها دور يسمع، مجلس التعاون يجب أن يسمع رأيه، دول كبيرة أخرى في المنطقة يجب أن يسمع رأيها، لأن الموضوع ليس محدوداً بهذا الملف، ولكن ما أستطيع أن أقوله لك أننا نعاني من عدم الاستقرار قبل هذا الملف وفي بعض الأحيان نحس أن هذا الملف قد لا يعنينا، لأن لدينا مشاكل كثيرة تشغلنا عنه. إذا كنا نتكلم عن البرنامج النووي الخليجي فالجواب نعم، ولكن أولاً ليس لمواجهة برنامج نووي آخر في المنطقة إن كان إيرانيا أو غيره، وثانياً هو مازال في طور البحث وفي طور وضع الاطر القانونية بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية، سلمي، شفاف بكل الخطوات المطلوبة، وهذا ما نقوم به حسب مسؤوليتنا في هذا العالم.
للمزيد يمكنكم مشاهدة شريط الفيديو